قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : كان قوم شعيب قليلا حين أدرك ذلك [شعيب](١) ، وقوم آخرون معه يقول لهم ذلك شعيب عليهالسلام ، وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به ، وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا يا معشر المؤمنين ، (حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا) : يقضي عليهم بالهلاك ، ولم يكن شعيب أمر بالقتال.
وقال بعضهم : قوله : (وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ) ، يعني المؤمنين ، (آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) : من العذاب ، (وَطائِفَةٌ) : يعني الكفار ، (لَمْ يُؤْمِنُوا) : بالعذاب ، (فَاصْبِرُوا) : يا معشر الكفار ، (حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا) : في أمر العذاب في الدنيا ، (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) ويحتمل غير هذا ، وذلك أنهم كانوا يعبدون الأصنام ، ويقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣٠] ، ويقولون : الله أمرهم بذلك في أشياء يفعلونها ، ويقول هؤلاء : إنّ الذي نحن عليه هو الذي أمرنا الله بذلك ، فيقول لهم : اصبروا حتى يحكم الله بيننا بأنه بما ذا أمر : بالذي عليه الكفار ، أم بالذي (٢) نحن عليه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) قد ذكرنا في غير موضع (٣) أن الملأ من قومه هم كبراؤهم ورؤساؤهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (اسْتَكْبَرُوا) [أي استكبروا](٤) عن الخضوع والطاعة لمن هو دونهم عندهم ؛ لأنهم كانوا يضعفون شعيبا فيما بينهم ويزدرونه كقولهم له : (وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) [هود : ٩١] ثم لم يروا الأمر بالخضوع لمن هو دونهم في أمر الدنيا عدلا ، وهم إنما أخذوا من إبليس اللعين وإياه قلدوا حيث قال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) [الأعراف : ١٢] حين أمر بالسجود لآدم ، ولم ير اللعين الأمر بالخضوع لآدم من الله عدلا ، فعلى ذلك هؤلاء لم يروا الخضوع لمن دونهم عندهم عدلا ؛ فاستكبروا عليه ، فكفروا لذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ).
قال الحسن : لنخرجنك ، أي : لنقتلنك ، والذين آمنوا معك من قريتنا.
وقال غيره : لنخرجنك : الإخراج نفسه ، أي : نخرجنك ومن معك من المؤمنين من قريتنا إن لم تتبع ديننا ، وقد كان منهم للأنبياء المعنيين جميعا التوعد بالقتل والإخراج
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : أو الذي.
(٣) ينظر تفسير آية (٢٤٦) من سورة البقرة.
(٤) سقط في أ.