أجاب الله لمن حمده ، أي : دعاءه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها).
قوله : (نَقُصُّ عَلَيْكَ) أي : قصصنا عليك : بما قص (١) عليه من الأنبياء ، يخبر رسوله أن القرى التي كانت من قبل قد سألوا رسلهم الآيات ، فجاءوا بها ، ولم يصدقوها ، فعلى ذلك هؤلاء ، إنك لو أتيت ما سألوك من الآيات لم يؤمنوا بها ، ولم يصدقوها ، يخبره عن تعنتهم ومكابرتهم وعنادهم.
والثاني : يذكر أن الآيات ليس يجب أن يأتوا بها من الجهة التي يريدون ، إنما يجب أن يأتوا بما هو حجّة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) [يحتمل وجوها](٢) :
يحتمل الأنباء التي أنبأت الرسل أقوامهم من نزول العذاب بهم بالتكذيب والكفر بها.
ويحتمل البينات التي تدل على صدق الرسل بما يقولون ويخبرون بعد ما سألوهم الآيات ، لكن ردوها ردّ عناد ومكابرة بعد ما عرفوا أنها حق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ).
أي : ما كانوا ليؤمنوا لما رأوا بأسنا بما كذبوا من قبل ، أي : لا ينفعهم إيمانهم عند رؤيتهم بأس الله ؛ كقوله : (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) [الأنعام : ١٥٨].
ويحتمل : ما كانوا ليؤمنوا بسؤالهم الآيات إذا أتاهم الآيات بما كذبوا من قبل ؛ لأن تركهم الإيمان وتكذيبهم الرسل ليس لما لم يكن لهم الآيات ، ولكن للتعنت ، فأخبر أنهم وإن سألوا الآيات فإنهم لا يؤمنون.
والثالث : ما كانوا ليؤمنوا بما يخبرهم (٣) الرسول من إتيان العذاب بهم بما كذبوا من قبل من الأنباء (٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ).
يحتمل العهد المذكور وجوها ثلاثة :
أحدها : عهد الخلقة ؛ لما في خلقة كل أحد من الشهادة بالوحدانية له والألوهيّة ، فلم يوفوا بتلك العهود بل نقضوها.
__________________
(١) في أ : ما قص.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : بما أخذهم.
(٤) في أ : الأنبياء عليهمالسلام.