وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : الثعبان هي الحيّة الذكر (١).
وقوله : (مُبِينٌ) أي : مبين أنها حية ، وهو كما ذكر (٢) : (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) [طه : ٢٠].
(مُبِينٌ) : لا يشك أحد أنها ليست بحيّة ، ويحتمل (مُبِينٌ) أي : مبين أن ذلك التغيير والتحويل لا يكون إلا من الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ).
ذكر نزع يده ولم يذكر من ما ذا ، فهو ما ذكر في آية أخرى : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) [النمل : ١٢] [أي : من غير أذى ولا آفة](٣) ، وقال أهل التأويل (٤) : من غير برص (٥) ، ولكن عندنا : من غير سوء من غير أن تستقبح (٦) أو تستقذر ؛ لأن خروج الشيء عن خلقته وجوهره مما يستقذر ، فأخبر أنه لم يكن كذلك.
فإن قيل لنا : ما الحكمة في إدخال يده جيبه على ما هي عليه وإخراجه إياها بيضاء من غير أن كانت كذلك قبل أن يدخلها ، وكذلك صيرورة العصا [حية](٧) بعد ما طرحها على الأرض دون أن تصير حية وهي في يده قبل ذلك؟ [قيل](٨) ـ والله أعلم ـ : إنه إنما أراهم آيته بعد ما أخرج العصا عن سلطانه وتدبيره ؛ ليعلم أنها إنما صارت لا بتدبيره وتغييره ولكن بالله عزوجل ، وكذلك اليد صيرها آية بعد ما غيبها عن بصره وتدبيره ؛ ليعلم أنها صارت كذلك لا به ولكن بالله عزوجل والآية : هي التي تخرج عن وسع الخلق وتدبيرهم.
__________________
ـ المبرد في «الكامل». وإنما دخلته الهاء ؛ لأنه واحد من جنس كبطة ودجاجة ، على أنه قد روي عن بعض العرب : رأيت حيّا على حية ، أي : ذكرا على أنثى. وفلان حية ذكر. والنسبة إلى الحية : حيوي ، والحيوت : ذكر الحيات ، أنشد الأصمعي :
ويأكل الحية والحيوتا |
|
ويخنق العجوز أو تموتا |
وذكر ابن خالويه لها مائتي اسم.
ينظر : حياة الحيوان (١ / ٢٤٩).
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ١٦) (١٤٩٢٢).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٩٧) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ من طرق عن ابن عباس.
(٢) في أ : ذكرنا.
(٣) في ب : أذى وآفة.
(٤) أخرجه ابن جرير (٦ / ١٧) (١٤٩٢٦) و (١٤٩٢٧) عن ابن عباس وغيره.
(٥) بياض يقع في الجسد لعلة. ينظر المعجم الوسيط (١ / ٤٩) (برص).
(٦) في أ : يستقبح.
(٧) سقط في أ.
(٨) سقط في ب.