خلاف ؛ إذ ذلك أيسر وأقل في العقوبة من [القطع من](١) جانب ، والقطع من جانب أشدّ وأنكل من القطع من خلاف ؛ إذ القطع من خلاف لا يمنع القيام ببعض المنافع ، ولا يعمل في إتلاف النفس ؛ إذ جعل ذلك حدّا في بعض العقوبات ، ولم يجعل القطع من جانب عقوبة بحال ، فدل أنه أشد وأنكل ، ويعمل في إهلاك النفس ، والقطع من خلاف لا يعمل ، دلّ أنه لجهله ما قال.
أو أن اختار القطع من خلاف ليكون مئونة الصلب عليهم لا عليه ؛ لأن المقطوع من خلاف قد يمكن له الصعود على الخشبة ، والثاني (٢) : لا ، والله أعلم.
وقوله : (قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ).
وقال في موضع آخر (لا ضَيْرَ) [الشعراء : ٥٠] ، هذا ـ والله أعلم ـ يخرج على وجهين :
[أحدهما](٣) : على الإقرار منهم بالبعث ، والإيمان به.
والثاني : وعيد منهم لفرعون [لعنه الله](٤) ؛ حيث أوعدهم بقطع الأيدي والأرجل والصلب وغير ذلك من العقوبات ، فقالوا : إنا وأنت إلى ربنا منقلبون ، فتجزى وتعاقب جزاء صنيعك بنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا).
قيل فيه بوجهين :
قيل (٥) : قوله : (وَما تَنْقِمُ مِنَّا) أي : وما تعيب علينا (٦) ، وتطعن إلا (٧) بما كان منا من الإيمان بآيات ربنا لما جاءتنا ، وهو ما جاءهم من الآيات.
وقيل : وما تعاقبنا وما تنقم (٨) منا إلا أن آمنا بآيات ربنا ، وكان الحق عليك ـ [وعلينا](٩) ـ أن تؤمن بها كما آمنا نحن.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) قوله : «والثاني لا» يريد بالثاني المقطوع من جانب واحد ؛ فإنه لا يستطيع الصعود على الخشبة بنفسه.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) ذكره أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٣٦٦) والزمخشري في الكشاف (٢ / ١٤٢).
(٦) في ب : عليه.
(٧) في أ : الإيمان.
(٨) في ب : وتنتقم.
(٩) سقط في أ.