في بعض القصّة أن القبط كانوا يشربون الدم وبنو إسرائيل الماء ، أو كان الجدب والنقص من الثمرات يضر آل فرعون ، ولا يضر بني إسرائيل ؛ لما أنهم كانوا يأكلون للشهوة وبنو إسرائيل للحاجة ، فمن يأكل للحاجة كان أقل حاجة إلى الطعام ممن يأكل (١) للشهوة ؛ فإذا لم يجدوا ما يأكلون للشهوة كان أضر بهم.
ألا ترى أنه قيل : «يأكل المؤمن في معى واحد والكافر لسبعة أمعاء» (٢).
أو خرج تخصيص ذلك لهم لما أن في عقد بني إسرائيل أن [لله أن](٣) يمتحنهم بجميع أنواع المحن : مرة بالشدة ومرة بالسعة ، ومن عقد القبط لا ، فأضيف إليهم ذلك لما لم يكن في عقدهم ذلك ، وإن كانوا جميعا في ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).
أي : يتعظون ، «ولعل» من الله واجب قد اتعظوا لكنهم عاندوا وكابروا ، وإلا قد لزمهم الاتعاظ.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ).
أي : الخصب والسعة (قالُوا لَنا هذِهِ) ، أي : هذا ما كنا نعرفه أبدا وما جرينا على اعتياده ، أو أن يقولوا : لنا هذه بفرعون وبعبادتنا له.
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ).
قيل (٤) : الضيق والقحط.
(يَطَّيَّرُوا بِمُوسى).
وقالوا بشؤمه (٥) ، وهذا كما قال (٦) العرب لمحمد : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ
__________________
(١) في ب : يأكله.
(٢) أخرجه البخاري (١٠ / ٦٧٣) في كتاب الأطعمة ، باب المؤمن يأكل في معى واحد (٥٣٩٦ و٥٣٩٧). ومسلم في صحيحه (٣ / ١٦٣٢) كتاب الأشربة ، باب المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء (١٨٦ / ٢٠٦٣) عن أبي هريرة بلفظ : (إن المؤمن يأكل في معى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء) واللفظ للبخاري. وفي الباب عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري.
(٣) في أ : الله.
(٤) انظر تفسير ابن جرير (٦ / ٣٠) وتفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٦٦).
(٥) الشؤم ، لغة : الشر ، ورجل مشئوم : غير مبارك ، وتشاءم القوم به ، مثل : تطيروا به ، والتشاؤم : توقع الشر. فقد كانت العرب إذا أرادت المضي لمهم تطيرت ، بأن مرت بجاثم الطير ، فتثيرها لتستفيد : هل تمضي أو ترجع؟ فإن ذهب الطير شمالا تشاءموا فرجعوا ، وإن ذهب يمينا تيامنوا فمضوا.
فنهى الشارع عن ذلك ، وقال : «لا طيرة ولا هامة».
ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.
ينظر : المصباح المنير (مادة : شؤم ، وطير).
(٦) في ب : قالت.