عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) [النساء : ٧٨] كانوا يضيفون ما يصيبهم من الحسنة إلى الله ؛ لأنهم كانوا يقرون بالله ، والقبط لا فيقولون (١) ذلك من فرعون (٢) أو على الاعتياد.
فقال : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [النساء : ٧٨] ؛ فعلى ذلك قال هاهنا : (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ). ثم يحتمل هذا وجوها :
قيل : جزاء تطيرهم عند الله في الآخرة.
وقيل : طائرهم وشؤمهم الذي كانوا تطيروا بموسى كان بتكذيبهم موسى ، أضاف ذلك إلى ما عنده من الآيات ؛ لأنهم بنزول تلك الآيات وإرسالها عليهم تطيروا بموسى ، [وبتجدد](٣) تلك الآيات تجدد تطيرهم وتشاؤمهم.
وقال بعضهم : قوله : (إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) ، أي : حظهم عند الله ، وكذلك (٤) قال في قوله : (أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ) [الإسراء : ١٣] ، وهو كما ذكر : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) [التوبة : ١٢٥] لما كذبوا تلك الآيات زاد ما نزل [بهم](٥) من الآيات من بعد رجسا إلى رجسهم ، فعلى ذلك شؤمهم وطائرهم الذي كان بتكذيبهم موسى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى) : من الطيرة (٦) ، وهو من التشاؤم ، يقال : تشاءمت بفلان ، أي : قلت : هو غير مبارك ، وتطيرت بفلان ـ أيضا ـ مثله ، ويقال : تبركت به إذا قلت : هو مبارك ، ويقال : تطيرت واطيرت منه وبه.
(أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ) ، أي : شؤمهم ذلك (٧) الذي يخافون منه هو من عند الله ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) : بأنه (٨) [كان](٩) من عند الله ، كان بتكذيبهم موسى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).
__________________
(١) في أ : يقولون.
(٢) في أ : بل يقولون لنا من فرعون.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : فكذلك.
(٥) سقط في أ.
(٦) التطير في اللغة : التشاؤم. يقال : تطير بالشيء ، ومن الشيء : تشاءم به. والاسم : الطيرة. جاء في فتح الباري : التطير ، والتشاؤم : شيء واحد.
والمعنى الاصطلاحي لا يختلف عن اللغوي.
ينظر : مختار الصحاح مادة (طير) ، وفتح الباري (١٠ / ٢١٣).
(٧) في أ : ذاك.
(٨) في ب : أنه.
(٩) سقط في أ.