إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل : ٧٧].
وقيل (١) : سميت الساعة [لما تقوم ساعة فساعة](٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَغْتَةً) أي : فجأة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها).
قيل (٣) : التفريط : هو التضييع ، فيحتمل قوله : (ما فَرَّطْنا فِيها) ، أي : ما ضيعنا في الدنيا من المحاسن والطاعات.
ويحتمل : ما ضيعنا في الآخرة من الثواب والجزاء الجزيل بكفرهم في الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ).
هو ـ والله أعلم ـ على التمثيل (٤) ، ليس على التحقيق ، وهو يحتمل وجهين :
يحتمل : أنه أخبر أنهم يحملون أوزارهم على ظهورهم بما لزموا أوزارهم وآثامهم ، لم يفارقوها قط ، وصفهم بالحمل على الظهر ، وهو كقوله ـ تعالى ـ : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء : ١٣] لما لزم ذلك صار كأنه في عنقه.
والثاني : إنما ذكر الظهر ؛ لما بالظهر يحمل ما يحمل ، فكان كقوله : (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠] و (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) [آل عمران : ١٨٢] لأن الكفر لا يكتسب بالأيدي ولا يقدم بها ، لكن اكتساب الشيء وتقديمه لما كان باليد ذكر اكتساب اليد وتقديمها.
وكقوله : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) [آل عمران : ١٨٧] أنهم لما تركوا العمل به والانتفاع ، صار كالمنبوذ وراء الظهر ؛ لأن الذي ينبذ وراء الظهر هو الذي لا يعبأ به ولا يكترث (٥) إليه.
ويحتمل وجها آخر : ما ذكر (٦) في بعض القصة أنه يأتيه عمله الخبيث على صورة قبيحة ، فيقول له : كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات ، وأنت اليوم تحملني ،
__________________
(١) ذكره ابن جرير (٥ / ١٧٧) ، والرازي في تفسيره (١٢ / ١٦٣) ، وابن عادل في اللباب (٨ / ١٠١) ، والبغوي في تفسيره (٢ / ٩٣).
(٢) سقط في أ.
(٣) أخرجه بنحوه ابن جرير (٥ / ١٧٨) (١٣١٨٨) عن السدي وذكره بنحوه السيوطي في الدر (٣ / ١٧) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
(٤) ينظر اللباب (٨ / ١٠٣ ـ ١٠٤) ، وتفسير الرازي (١٢ / ١٦٤).
(٥) في الأساس : كرثه الأمر : حركه ، وأراك لا تكترث لذلك ولا تنوص : لا تتحرك له ولا تعبأ به. ينظر تاج العروس (٥ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤).
(٦) في أ : ما ذكره.