__________________
ـ وانفتاح ما قبلها بحسب الآن فصار معاد ، والبعث هو : بعث الناس من القبور ، أو عود النفس إلى ما كانت عليه من التجرد.
وقد وقع كثير من الاختلاف في البعث يمكن حصره على خمسة أقوال :
الأول : أن البعث عود جسماني فقط ، وقد ذهب إلى هذا المتكلمون النافون للنفس الناطقة ؛ بناء منهم على أن الجسم هو هذا الهيكل المخصوص وليس هناك نفس.
الثاني : وهو قول كثير من المحققين كالحليمي والغزالي والراغب ومعمر وجمهور من متأخري الإمامية وكثير من الصوفية ـ أن البعث عود بالجسم والروح ؛ وهذا منهم بناء على أن النفس مجردة عن المادة.
الثالث : وهو قول الفلاسفة الإلهيين كأفلاطون : أن البعث عود للروح فقط ؛ وذلك منهم بناء على أن النفس هي المكلفة وهي التي تشقى وتنعم ، ولا فائدة في إعادة الجسم معها. ومعنى العود عندهم أن تعود الروح إلى ما كانت عليه من التجرد أولا ، أي : قبل تعلقها بالجسم.
الرابع : وهو قول الفلاسفة الطبيعيين : إنكار الإعادة رأسا.
الخامس : لجالينوس الحكيم : التوقف.
وقد عني صاحب المواقف العلامة الإيجي بهذا الموضوع فعقد له ثلاثة مقاصد :
المقصد الأول : في إعادة المعدوم بعينه.
حيث إن القائلين بالمعاد الجسماني قد اختلفوا على قولين :
القول الأول : إن الإعادة عن عدم وفناء محض للجسم ممكنة ، ولا مانع عقلا يمنع من إعادة المعلوم بعينه ، وهذا قول أهل السنة ومعهم مشايخ المعتزلة.
والقول الثاني : إن الإعادة عن عدم غير ممكنة ؛ إما لأن الإعادة تكون عن تفريق ـ كما هو رأي كثير من المعتزلة ، وإما لأنه لا إعادة للجسم أصلا ، حتى يقال : إنها عن عدم ، إلى هذا ذهب بعض الفلاسفة وبعض المعتزلة والكرامية.
وهذا الخلاف مبني على خلاف آخر هو : هل الوجود عين الموجود أم هو زائد عن الموجود فيهما؟ وهل يستوي في ذلك ممكن الوجود وواجب الوجود أم لا؟ وقد نتج عن هذا ثلاثة أقوال :
أحدها : أن الوجود عين الموجود في الممكن والواجب.
الثاني : أن الوجود زائد في الممكن والواجب.
الثالث : أن الوجود عين الموجود في الواجب زائد في الممكن.
وفيما يلي بيان هذه الأقوال وبيان من قال بها :
القول الأول : به قال الأشاعرة ؛ حيث ذهبوا إلى أن الوجود عين الموجود في الواجب والممكن مطلقا ، فإذا زال الوجود في الممكن زال الموجود ، ولم يبق شيء ، وعلى ذلك فالعدم نفي صرف ، وقد استدلوا على ذلك بما يلي :
أولا : أن القول بأن الوجود زائد عن الموجود يترتب عليه عدم وجود ، فتكون معدومة ، فكيف تتصف بالوجود؟
ثانيا : أن الوجود صفة ثبوتية ، وقيام الصفة الثبوتية بشيء فرع عن وجود ذلك الشيء ، فلو كان الوجود صفة قائمة بالماهية لزم أن يكون قبل الوجود لها وجود ، فيلزم تقدم الشيء على نفسه ، وهذا ممتنع ، فامتنع ما أدى إليه.
ثالثا : لو كان الوجود زائدا عن الموجود لكان له وجود ويتسلسل.
القول الثاني ـ به قال المعتزلة حيث ذهبوا إلى : أن الوجود زائد عن الموجود في الواجب ـ