أو قيام الساعة ، ولا أقول : إني ملك حتى أرقى في السماء.
وقوله : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ).
أي : تعرفون أنتم أنه لا يستوي الأعمى ، أي : من عمي بصره ، والبصير : أي : من لم يعم بصره ، فكيف لا تعرفون أنه لا يستوي من عمي عن الآيات ومن لم يعم عنها؟!
أو نقول : إذا لم يستو الأعمى والبصير ، كيف يستوي من يتعامى عن الحق ومن لم يتعام؟! (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) أنهما لا يستويان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ).
في آيات الله وما ذكركم.
أو نقول : (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) في وعظكم ، بالله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) [٥١].
اختلف فيه :
قال بعضهم : هو صلة قوله : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ...) الآية ، أيئس الكفرة عما سألوا من الأشياء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم أمر بالإنذار الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم وهم المؤمنون ، أي : يعلمون أنهم يحشرون إلى ربهم ، وأن ليس لهم [ولي](١) يدفع عنهم ما يحل بهم ، ولا شفيع يسأل لهم ما لم يعطوا.
وجائز أن يكون تخصيص الأمر بإنذار المؤمنين لما كان الإنذار ينفعهم ولا ينفع غيرهم ، وليس فيه لا ينذر غيرهم ؛ وهو كقوله : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) [يس : ١١] ليس فيه أنه لا ينذر من لم يتبع الذكر ولا خشي الرحمن ولكن أنبأ (٢) أنه إنما ينفع (٣) هؤلاء ؛ كقوله تعالى : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات : ٥٥] أخبر أن الذكرى تنفع المؤمنين ولا تنفع أولئك ، ينذر الفريقين : من اتبع ، ومن لم يتبع ، ومن انتفع ، ومن لم ينتفع ، ويكون قوله : (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌ) ، يعني : ليس لأولئك أولياء ولا شفعاء ؛ لأنهم يقولون : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨](ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ونحوه أخبر (٤) أن ليس لهم ولي ولا شفيع دونه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ ...).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : إنباء.
(٣) في أ : يشفع.
(٤) في ب : وأخبر.