يذكر في بعض القصة أن رجالا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا يسبقون إلى مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيجلسون قريبا منه ، فيجيء أشراف القوم وساداتهم ، وقد أخذ أولئك المجلس فيجلس هؤلاء ناحية ، فقالوا : نحن نجيء فنجلس ناحية ، فذكروا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إنا سادات قومك وأشرافهم ، فلو أدنيتنا منك [في](١) المجلس ، فهمّ أن يفعل ذلك ، فأنزل الله هذه الآية يعاتب نبيه صلىاللهعليهوسلم [بقوله](٢) : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ ...)(٣) الآية.
وإلى هذا يذهب عامة أهل التأويل ، لكنه بعيد ؛ إذ ينسبون رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أوحش فعل وأفحشه ما لو كان فيه إسقاط نبوته ورسالته ؛ إذ لا يحتمل أن يكون [النبي](٤) صلىاللهعليهوسلم يقرب أعداءه ويدني مجلسهم منه ، ويبعد الأولياء ، هذا لا يفعله سفيه فضلا أن يفعله رسول الله المصطفى على جميع بريته ، أو يخطر بباله شيء من ذلك ، وكان فيه ما يجد الكفرة فيه (٥) مطعنا يقولون : يدعو الناس إلى التوحيد والإيمان به والاتباع له ، فإذا فعلوا ذلك وأجابوه طردهم وأبعد مجلسهم [منه](٦) ، هذا لعمري مدفوع في عقل كل عاقل ، ولكن إن كان فجائز أن يكون منهم طلب ذلك طلبوا منه أن يدني مجلسهم ويبعد أولئك ؛ هذا يحتمل (٧) ، وأما أن يهم أن يفعل ذلك أو خطر بباله شيء من ذلك فلا يحتمل.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في ب.
(٣) أخرجه بن جرير (٥ / ١٩٩) (١٣٢٥٨ ، ١٣٢٥٩) عن ابن مسعود (١٣٢٦٠) عن كردوس بن عباس ، (١٣٢٦١) عن خباب بن الأرت ، (١٣٢٦٣) ، (١٣٢٦٤) عن قتادة والكلبي ، (١٣٢٦٥) عن مجاهد ، (١٣٢٦٦) عن سعد بن أبي وقاص (١٣٢٦٧) عن عكرمة ، (١٣٢٦٨) عن ابن زيد وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٤ ـ ٢٦) وعزاه لأحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ولابن المنذر عن عكرمة.
ولابن أبي شيبة وابن ماجه وأبي يعلى وأبي نعيم في الحلية وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن خباب. وللفريابي وأحمد وعبد بن حميد والنسائي وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم وأبي نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن سعد بن أبي وقاص.
(٤) سقط في ب.
(٥) في أ : عليه.
(٦) سقط في ب.
(٧) روى الإمام مسلم حديث (٤٥ / ٤٦) (فضائل الصحابة) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ستة نفر ، فقال له المشركون : اطرد هؤلاء يجترئون علينا! قال : وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما ، فوقع في نفس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما شاء الله أن يقع ، فحدث نفسه ، فأنزل الله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ ...) الآية.
وأخرج نحوه الحاكم وابن حبان في صحيحيهما. ـ