وأما في حق غيرهم فقد قال النواوي في كتاب الأذكار : يجوز ذلك ، وبوب له بابا ، وقال : قد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة ، وأفعال سلف الأمة وخلفهم ، وقد أخبر الله تعالى في كتابه الكريم في مواضع كثيرة عن الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ وقد روى البخاري ومسلم أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال يوم الأحزاب : «ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى» ودعا صلىاللهعليهوآلهوسلم على الذين قتلوا القراء ، وأدام الدعاء عليهم شهرا يقول : «اللهم العن رعلا ، وذكوان ، وعصيّة» ودعا صلىاللهعليهوآلهوسلم على قريش فقال : «اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهمّ اجعلها عليهم سنين كسني يوسف» وقد أكثر من الآثار بدعائه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودعاء كثير من الصحابة.
وأما الشيخ أبو حامد الغزالي : فقد جعل الدعاء على الغير وإن كان ظالما من آفات اللسان ، وقال : يوكل أمر الظالم إلى الله.
قال : وفي الحديث : «إن المظلوم ليدعو على من ظلمه حتى يكافيه ، ثم يبقى للظالم فضل عنده يطالبه به يوم القيامة».
قال : وطول بعض الناس لسانه في الحجاج فقال بعض السلف : إن الله لينتقم للحجاج ممن تعرض له بلسانه كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمهم» وهذا محتاج إلى التوجيه.
أما الفضل : فالعفو ، وقد تقدم ذكر هذا.
الرابع : من أقسام الدعاء : أن يدعو عليه بعدم الهداية ، وعدم التوفيق ، وأن يموت على غير توبة ، ونحو ذلك ، فهذا لا يجوز ، ذكر ذلك النواوي في الأذكار ، وقال : إذا قال مسلم لمسلم : اللهم اسلبه الإيمان عصى ، وفي وكفره وجهان : الصحيح أنه لا يكفر.
وقد تأول المفسرون قوله تعالى في هذا الآية : (فَلا يُؤْمِنُوا). قال الحاكم : هذا جار مجرى الإخبار ، كما تقول : انظر إلى الشمس تغرب ، كأنه أخبر أنهم لا يؤمنون أبدا.