قيل (١) : إذا أكلت البهيمة العلف فاستقر في كرشها طحنته ، فكان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما ، والكبد مسلطة على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها فتجري اللبن في الضروع ، والدم في العروق ، وتبقى الفرث في الكرش فسبحان الله ما أعظم قدرته.
وسئل شقيق عن الإخلاص فقال : (هو تمييز العمل من العيوب ، كتمييز اللبن من بين فرث ودم).
ومن كلام جار الله قد يوجد بين خبيثين ابن لا يؤبن (٢) ـ أي : لا يعاب في الكراهة ـ أراد اللبن ، ولهذا وصفه بالخالص.
وقوله تعالى : (سائِغاً). أي : سهل المرور في الحلق ، ويقال : لم يغص أحد باللبن
هذا : ويحتمل أنه كاللحم لورود الخبر فيهما.
ولو خرج من الحيوان بعد الموت : فقال المؤيد بالله : يكون نجسا لمجاورة الميتة في الضرع.
وقال أبو حنيفة ودل عليه قول أبي طالب : لا ينجس ؛ لأن بينه وبين الميتة حاجز : وهو بلّة لا تحلها الحياة. وقد ذكر أبو طالب : أن الشاة لو سقيت خمرا ، ثم ذكيت حل شرب لبنها ، هذا حكم.
ولا يقاس على اللبن المني ، فيقال : لا ينجس لجريه مجرى البول والنجس كما لا ينجس اللبن لمجاورة الدم ؛ لأن الله تعالى قد جعل اللبن خاصية وجعله خالصا ، وأيضا فإنا نقول المني نجس غير منجس لحديث عمار.
__________________
(١) أيضا القيل للزمخشري ذكره في الجزء الثاني من الكشاف ص ٦١٥.
(٢) ابن فلان يؤبن بكذا أي يذكر بقبيح وفي ذكر مجلس رسول الله لا تؤبن فيه الحرم أي لا تذكر وإبان الشيء بالكسر والتجديد وقته يقال كل الفاكهة في إبانها أي في وقتها.