(مِنْ كُلِّ مَكانٍ) يعني يحمل إليها من البر والبحر.
(فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) قيل : ذلك بتكذيب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : بإخراجه هو وأصحابه.
وقيل : أراد قرية في الأمم الماضية على هذه الصفة : عن الأصم.
وقوله تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) استعار اللباس : لما يظهر عليهم من الهزال ، وشحوب اللون ، وكان كاللباس لغشيانه لهم ، واستعار الإذاقة : لما يدرك من الألم لذوق المر.
قيل : بلغ القحط بهم إلى أن أكلوا القد والعلهز (١) ، وهو الصوف المخلوط بالدم ، ومنعوا من الميرة ، وانقطعت عنهم الأمطار ، وأصابهم الجوع سبع سنين ، وقصد أهل مكة الجيوش والسرايا من المسلمين ، وشن عليهم الغارات ، ودعا عليهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان من دعائه : «اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهمّ اجعل عليهم سنينا كسني يوسف» فبلوا بالجوع حتى أكلوا العظام المحرقة ، والعهن.
وثمرة ذلك :
جواز منع الكفار من الميرة والطعام ، وأن يرموا بالمنجنيقات ، وسائر أنواع العذاب ، وقد فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك مع أهل الطائف ، وكذلك قطع النخيل ، والأعناب ، وتخريب الزروع ، وقد منعوا من ذلك فكلموا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك فقالوا : هب الرجال عاديت فما بال النساء والصبيان؟ فأذن للنساء في حمل الميرة إليهم.
__________________
(١) لسان العرب ج : ٥ ص : ٣٨١.
العله ، وبر يخلط بدماء الحلم كانت العرب في الجاهلية تأكله في الجدب وفي حديث عكرمة كان طعام أهل الجاهلية العله.