قوله تعالى
(إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) [مريم : ٤]
إنما ذكر وهن العظم والشيب تضرعا وتذللا بضعف حاله ، وإنما قال : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) ، أي : قد عودتني الإجابة ، وأنك لا تخيبني ، وذلك توسل منه إلى الله تعالى بما سلف له من الإجابة ، فهذه أمور من آداب الدعاء أن يكون خفية ، وأن يكون بالتضرع والتذلل ، وأن يدعو الله تعالى متوسلا إليه بما عوده من النعم.
ويروى أن معن بن زائدة سأله محتاج وقال : أنا الذي أحسنت إليّ وقت كذا ، فقال : مرحبا بمن توسل إلينا بنا ، وقضى حاجته.
قوله تعالى
(فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي) [مريم : ٥ ، ٦]
دلت على جواز تمني الولد ، ولكن إنما يستحب تمنية لأمر ديني ؛ لأن زكريا خاف من مواليه وهم كلالته.
وقيل : عصبته. وقيل : بنو عمه. خاف منهم على الدين أن يغيروه وأن يبدلوه.
وكانوا أشرار بني إسرائيل ، وأراد ميراث العلم ؛ لأن الأنبياء لا تورث ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» وقد ورد استعمال الإرث في العلم ، قال تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) [فاطر : ٣٢].
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «العلماء ورثة الأنبياء» وقول أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ