هذا راجع إلى من سبق ، إما إلى النبيين ومن بعدهم ، وإما إلى قوله : (وَمِمَّنْ هَدَيْنا)
وقد استدل من أوجب سجود التلاوة بهذه الآية ؛ لأنه لا سجود في القرآن إلا سجود التلاوة ، والله تعالى إنما بين صفتهم بالسجود ليقتدى بهم ، وهذا قول أبي حنيفة ، وصاحبيه : إنه يجب على القارئ والمستمع ، لكن إنما يجب في مواضع محصورة.
ومذهب أكثر الأئمة ، والشافعي : أنه غير واجب ، ويحملون هذا على الاستحباب ، واحتجوا أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يسجد عند أن قرأ عليه زيد بن ثابت (النجم) ، وقد روي أنه سجد ، فلما فعله مرة وتركه مرة دل أنه ليس بواجب.
واحتجوا أيضا بما روي أن عمر بن الخطاب قرأ السجدة يوم الجمعة وهو على المنبر فنزل وسجد وسجدوا معه ، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فتهيئوا للسجود فقال عمر : على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء ، وكان ذلك بحضرة المهاجرين والأنصار ، ولم ينكر عليه.
واحتجوا بأنها لو كانت واجبة لم يفعلها من قعود على الراحلة في السفر ، وبأنها لو كانت واجبة لبطلت الصلاة بتركها.
احتج الموجبون بقوله تعالى في سورة الانشقاق : (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) [الانشقاق : ٢١] فذمهم على ترك السجود ، أجبنا بأن ذلك في الكفار ، أو أراد الخضوع.
قالوا : قال تعالى : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً) [السجدة : ١٥].
أجبنا : بأنه أراد سجود الصلاة أو الخضوع ، أو الاستحباب ؛ لأن ذلك لا يكون شرطا في الإيمان إجماعا.