إزالة المنكر لمصلحة ؛ لأن إبراهيم عليهالسلام ترك كسر الكبير من الأصنام لمصلحة : وهي أن ذلك يكون سببا في بطلان اعتقادهم ، وبيان ضلالتهم ، بأن يسألوه فلا ينطق ، فيعرفون جهالتهم.
قوله تعالى
(قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) [الأنبياء : ٦٣]
ظاهر الكلام أن إبراهيم عليهالسلام أخبر بأن الكبير الذي كسر سائر الأصنام ، ولو ثبت أنه خبر كان خلفا ، وذلك لا يجوز على الأنبياء عليهمالسلام ـ وفي هذا وجوه :
الأول : أن الخبر مقيد كأنه قال : بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون : وهذا مروي عن أبي علي ، والقتيبي.
والثاني : أنه مقيد بما قبله تقديره بل فعله كبيرهم هذا إن كان إلها ليختص بالإلهية.
الثالث : أنه خرج مخرج الخبر ، والمراد به الإلزام.
قال الحاكم : فأما قول بعضهم فقصد أن كبيرهم فعله غضبا أن يعبد غيره ، وأن إبراهيم عليهالسلام كذب ثلاث كذبات :
أحدها : قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ).
الثانية : قوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا).
الثالثة : أنه قال في سارة هي أختي.
فلعل هذا من دسيس الملحدة ؛ لأن الكذب لا يجوز على الأنبياء ، ولو جازت ثلاث جاز أكثر ، فلا تبقى ثقة بقوله ، مع أنه يمكن التأويل.
فقوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) ، لعله كان كذلك ، أو المراد أني سقيم عندهم.