الحكم الثالث : يتعلق بقوله تعالى : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي محل نحرها البيت العتيق ، وهذا يدل أن للذبح مكانا يختص به.
واختلف العلماء في ذلك المكان :
فقال أهل المذهب : محل دماء الحج الاختياري منى ؛ لأنه موضع التحلل ، ولقوله عليهالسلام : «منى كلها منحر».
وقال زيد بن علي ، والناصر : الحرم كله منحر ، وقد ذكره في الكشاف ، أي : أن المراد الحرم ؛ لأنه حرم البيت ، فهو في حكم البيت ، ومن هذا الاتساع قولهم : بلغنا البلد إذا شارفوا البلد ، وقاربوه ، ويجوز ذبحه عندنا في سائر الحرم ، إن خشي عطبه.
الحكم الرابع : يتعلق بقوله تعالى : (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) أي ليذكروا اسمه على النسائك ، وهذا دليل على وجوب التسمية على الذبيحة ، وذلك مذهب القاسم ، ويحيى ، والناصر ، وأبي حنيفة ، وأصحابه ، والثوري ، وابن حي ، ورواية عن مالك إلا أن يكون ناسيا ، فيخرج بقوله عليهالسلام : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان».
وعن الشعبي وداود ، وأبي ثور : لا يجوز مع ترك التسمية ، ولو ناسيا.
وقال الشافعي ، ورواية عن مالك إنها مستحبة ، غير شرط ، وهذا الحكم ذكره أخص عند قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ).
قوله تعالى
(وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [الحج : ٣٤ ، ٣٥]