يتعلق بذكر هذه الآية حكمان :
الأول : أنه لا يجوز للأب أن يظهر الميل إلى بعض أولاده إذا عرف أن ذلك يؤدي إلى فتنه ، فإن لم يعلم ذلك ، ولا ظنه بل جوزه كره خشية وقوعها ، ووقوع التقاطع بين الأرحام ، وقد قال الله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ) [النساء : ١] وعلى هذا لو فضّل بعض الأولاد في العطية لغير وجه كره ، ونفذ عند الهادي ، والقاسم ، والمؤيد بالله ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، ومالك.
وقال أحمد ، وإسحاق ، وداود ، وطاوس : لا تصح الهبة.
وقال الثوري : لا بأس أن يخص بعض أولاده بما يشاء.
وقال الأوزاعي بالثلث لا أكثر.
وفي حديث بشير بن سعيد أنه لما نحل ولده النعمان نحلة وجاء إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال عليهالسلام : «أكل ولدك نحلته مثل هذا»؟ فقال : لا ، فامتنع صلىاللهعليهوآلهوسلم من الشهادة ، وفي بعض الأخبار أنه قال : «أشهد غيري» فامتناعه عليهالسلام يدل على الكراهة ، وأمره بأن يشهد غيره يدل على الجواز.
الحكم الثاني : أنه إذا فضل بعضهم لبره أو لزيادة فضله أو لشدة فقره أو لكثرة عوله زالت الكراهة ، وقد قال تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [الرحمن : ٦٠].
قال في الكشاف : وقيل : كان يعقوب مؤثرا له في المحبة والشفقة لصغره ، ولما يرى فيه من المخايل ، ولما رأى الرؤيا ضاعف له المحبة ، وكان يضمه كل ساعة إلى صدره ، ولا يصبر عنه.