لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النور : ٦٢ ـ ٦٤]
النزول
قيل : نزلت في حفر الخندق ، وكان المنافقون ينصرفون لواذا ، أي : مختفين عن رسول الله يريدون توهين أمره ، وتفريق جمعه ، وكان المؤمنون يستأذنون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الذهاب للحاجة ، ثم يرجعون رغبة في الخير.
وقيل : يتسللون عند الخطبة. وقيل : عن الجهاد.
ثمرات الآية : أنه يجب الاجتماع في الأمور المحتاجة إلى التشاور والتعاضد ؛ لأنه تعالى جعل عدم الذهاب تاليا للإيمان لله وبرسوله ، وأنه لا يجوز توهين الأمور المتعلقة بالمصالح ، وأنه يجوز الاستئذان لما يعرض من الحوائج ، ولهذا قال تعالى : (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) ولم يطلق الآخر ، وأن الاذن موكل إلى رأي الإمام في الأصلح ، فلا يجوز أن يأذن حيث لا مصلحة ، ولا يجوز استئذان الغير ، ومع المصلحة يجوز الإذن والاستئذان ، وأن الأفضل عدم الاستئذان ؛ لأنه تعالى قال : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ) فعد ذلك كالذنب ، أو (استغفر لهم) لينجبر ما فاتهم من الأفضل وهو الجهاد والمصابرة ، وفي ذلك إشارة أنه لا يستغفر إلا للمؤمنين ، وقد قال الحسن : إن الرسول والإمام فيما يلزم من ذلك سواء ، وتدل الآية على لزوم الامتثال لأوامر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكذا الإمام لقوله تعالى : (الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ).
قال الحاكم : إن قيل : قد قال تعالى : (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) [التوبة : ٤٤] (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) [التوبة : ٤٥]؟