قوله تعالى
(إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص : ٧٦ ، ٧٧] قيل : كان من قومه يعني : أنه ممن آمن به ، لا أنه من بني إسرائيل.
وقيل : أراد أنه من أهل نسبه ، قيل : ابن عمه ، وقيل : ابن أخته ، وكان أقرأ بني إسرائيل للتوراة ، ولكن ارتد كما ارتد السامري ، وكان يسمى المنور لحسن صورته ، ولكنه حسد موسى وهارون الأمر.
وقوله تعالى : (فَبَغى عَلَيْهِمْ) قيل : بالظلم ، وقيل : بالتكبر.
وقوله تعالى : (لا تَفْرَحْ) المراد بالفرح : شدة الإعجاب بما يلهيه عن أمر الآخرة ، وهو كقوله تعالى : (وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) [الحديد : ٢٣] وقول الشاعر :
ولست بمفراح إذا الدهر سرني |
|
ولا جازعا من صرفه المتقلب |
لأنه لا يفرح بالدنيا إلا من اطمأن إليها ، ورضي بها ، فأما من علم أنه مفارق لما هو فيه عن قريب ، فإن نفسه لا يكمل فرحها.
قال جار الله : وما أحسن ما قيل :
أشد الغم عندي في سرور |
|
تيقن عنه صاحبه انتقالا |
قوله تعالى : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ)
وذلك أنه إذا أوتي الغنى والثروة فعل فيه أصناف الواجب والمندوب ، ويجعله زادا إلى دار الآخرة.