وقيل : يستخرج من هذا جواز التوصل إلى الحسن بما صورته صورة القبيح ، وللأئمة مسائل من هذا القبيل بعضها يدل على الجواز ، نحو ما ذكر في شراء أولاد الكفار منهم ، ومسائل تخالف نحو ما ذكرنا في بيع رءوس الكفار منهم ، وقد يشبه هذا بدباغ جلد الميتة ، وبتخليل الخمر ، فإنه توصل إلى تحليل المحظور عند من جوز ذلك في التشبيه ، فهذا نظر لأنه توصل بمباح إلى مباح.
قوله تعالى
(وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) [يوسف : ٧٢]
هذا استدل به أصحاب الشافعي ، والإمام يحيى : على جواز الجعالة نحو : (من رد عليّ ضالتي فله كذا) ، وجعلوا الغرض كالمعلوم لازما فلم يجعلوا القبول شرط ، ولا كون الأخير معلوما ، وجعلوها جائزة غير لازمة.
قالوا : وحديث الرقية فيه دلالة عليها ، وأهل المذهب أدخلوها في الإجازة الفاسدة ؛ لأن الوفاء غير لازم هنا.
قوله تعالى
(وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) [يوسف : ٧٢]
من كلام المنادي ، وكان زعيمهم فكنى به عنهم.
والمراد : وأنا زعيم بالجعل الذي جعل عوضا على مجيء الصاع ، ويكون هذا دليلا على صحة الكفالة بالمال ، لكن إن كان المال ثابتا أو ثبت بسببه فذلك جلي.
وأما إذا ضمن بمال يجب في الحال ويجب بعد ذلك ، كأن يقول : ما أقرضت فلان أو مانعت منه ، فأنا به ضامن : فالمذهب جوازه.