وكيف كان فالأظهر عدم اعتبار علم الفاعل بها إذ الغالب في موارد الحاجة إلى هذا الأصل إنما هي صورة الجهل بحال الفاعل : فان محل الابتلاء إنما هي أفعال العوام من الرجال والنساء الذين لا يعرفون أحكام المعاملات والعبادات ، مع قيام السيرة على حمل أفعالهم على الصحة من دون ان يفتشوا عن حال معاملاتهم.
واما اعتبار عدم العلم بالجهل في خصوص ما هو محل الجريان فغير بعيد : إذ القدر المتيقن من الأدلة غير هذا المورد.
ودعوى ان ابتلاء عموم الناس إنما هو بأفعال أهالي الصحارى والبراري والأسواق الذين لا يعرفون الأحكام مع استقرار السيرة على إمضاء أعمالهم مع احتمال المطابقة.
يمكن دفعها بان عدم معرفة هؤلاء بعمدة الأحكام ان كان منشأً للجهل بعلمهم في خصوص ما هو محل الحاجة ، فجريان القاعدة وان كان مما لا كلام فيه ، إلا انه أجنبي عن الفرض ، واما لو علم بجهلهم في خصوصه ، فالسيرة على الحمل عليها غير ثابتة ولكن ذلك يحتاج إلى تأمل زائد ، فان دعوى قيام السيرة على العموم مع جهل الغالب بالأحكام قريبة جدا.
واما النزاع الثاني : فان كان مدرك الحمل على الصحة هو ما عن
__________________
قول من يدعي الاحلال ترجحا لجانب الصحة» ، وفي معرض مناقشة صاحب المدارك له قال : «أما مع اعترافهما بالجهل فلا وجه للحمل على الصحة ..».