الكلام حول دليل مشروعية القرعة
من القواعد التي ينبغي البحث فيها في المقام ، قاعدة القرعة ، وقد استند الأصحاب إليها في كثير من المسائل الفقهية.
وقد دلت عليها الآيات والنصوص الكثيرة البالغة حد التواتر.
ومع ذلك اشتهر في ألسنة متأخري المتأخرين ، انه قد وردت عليها تخصيصات كثيرة قد بلغت حدا لا يصح التمسك باطلاق وعموم تلك الأدلة ، ولذلك التزموا بانها كانت محفوفة بقرائن لم تصل الينا ، وهذا موجب لسقوط تلك العمومات والاطلاقات عن الحجية ، وانه في كل مسألة ورد النص الخاص لاعمال القرعة فيها فهو المتبع ، وفي غيرها لا يرجع إليها.
فلا بدَّ من ذكر ادلتها ، وبيان ما يستفاد منها ، ومن يشرع له القرعة ، ومحل اجرائها والنسبة بينها وبين دليل الاستصحاب.
فأقول مستعينا بالله تعالى : انه لا اشكال في بناء العقلاء على العمل بالقرعة عند تزاحم الحقوق مع عدم الترجيح ، فتكون من طرق فصل الخصومة ، كما يشهد به ملاحظة الآيات والأخبار المتضمنة لقضايا سوهم فيها.
لاحظ ما دل على ان احبار بيت المقدس ساهموا لتكفل مريم (١) وقد اخبر الله تعالى عن ذلك إذ قال تعالى (وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ
__________________
(١) الوسائل ج ٢٧ ص ٢٥٧ باب ١٣ من أبواب كيفية الحكم واحكام الدعويح ٣٣٧٢١.