شيء آخر.
واما الثاني : فلان استصحاب عدم صدور العقد من البالغ مقتض لعدم الأثر إذ التعبد بعدم المسبب غير واقع عدم المسبب ، والثاني وان كان بعدم المقتضى له ، إلا ان الأول إنما يكون عن الاقتضاء.
ومحصل ما أفاده العلامة الشيرازي (ره) (١) ، ان مفاد أصالة الصحة ان كان ترتب الأثر والتعبد بالنقل والانتقال كان الاستصحاب الموضوعي حاكما عليها : إذ الشك في الصحة ناشئ عن الشك في بلوغ العاقد مثلا فإذا جرى الأصل في البلوغ وثبت صدور العقد من غير البالغ ارتفع الشك في الصحة ، وان كان مفادها كون العقد على نحو يترتب عليه الأثر ومستجمعا للأجزاء والشرائط ومنها البلوغ ، كان الاصلان متعارضين : إذ مفاد الاستصحاب بضميمة العقد المحرز بالوجدان صدور العقد من غير البالغ ، ومفاد أصالة الصحة التعبد بكون العقد صادرا من البالغ وعلى ذلك فهناك شك واحد تقتضي أصالة الصحة التعبد بوجود المشكوك فيه ويقتضي الاستصحاب التعبد بعدمه.
وبعبارة أخرى : مفاد أصالة الصحة صحة العقد الموجود وسببيته ، ومفاد الاستصحاب نفي سببية العقد الموجود فكل منهما ينفي ما يثبته الآخر.
وبهذا التقريب يندفع ما أورد عليه : بان مفاد أصالة الصحة حيث يكون التعبد بوجود العقد الصحيح ومفاد الاستصحاب التعبد بعدم سببية العقد
__________________
(١) تقريرات المجدد الشيرازي ج ٣ ص ٧٧ ـ ٧٨ وقد نقله المصنف (دام ظله) بالمعنى فراجع.