والمحقق النائيني (ره) (١) افاد في مقام الفرق بينهما ـ بما حاصله ـ ان التعارض إنما يكون في مرحلة الجعل والتشريع بحيث يمتنع تشريع الحكمين ثبوتا ، واما التزاحم فعدم إمكان اجتماع الحكمين في مورده ، ليس في مقام الجعل والتشريع ، بل في ذلك المقام بينهما كمال الملاءمة ، وإنما يكون المزاحمة في مقام الفعلية بعد تحقق الموضوع خارجا من جهة عدم القدرة على الجمع بينهما في مقام الامتثال ، فيقع التزاحم بينهما لتحقق القدرة على امتثال أحدهما ، فيصلح كل منهما لان يكون تعجيزا مولويا عن الآخر ، ورافعا لموضوعه.
وفيه : انه كما يكون عدم ثبوت الملاكين موجبا لامتناع جعل الحكمين للمولى الحكيم فيقع التنافي بين الحكمين في مقام الجعل ، كذلك يكون عدم القدرة على امتثال الحكمين موجبا لعدم إمكان جعلهما معا بناءً على شرطية القدرة للتكليف ، لاقتضاء جعلهما المحال ، وما يقتضي المحال محال فالتنافي بين المتزاحمين أيضاً يكون في مقام الجعل والتشريع لا في مقام الفعلية.
وبعبارة أخرى : ان كانت القدرة شرطا للتكليف فالتنافي بينهما يكون في مقام الجعل ، وإلا ، فلا تنافي بينهما حتى في مقام الفعلية ، لان عدم فعلية الحكم مع تحقق موضوعه خارجا يشبه بعدم وجود المعلول ، مع وجود علته.
فالصحيح ان يقال ان التزاحم وان كان يشترك مع التعارض ، في عدم إمكان جعل الحكمين ، وان التمانع بينهما يكون في الجعل والتشريع ، إلا ان عدم الامكان في باب التعارض إنما يكون من جهة المبدأ وعدم إمكان اجتماع
__________________
(١) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٧٠٣ ـ ٧٠٤ بتصرف