وإذا ترتب الأثر عليهما ، كما في الماءين المعلوم نجاستهما سابقا إذا علم طهارة أحدهما ، واشتبه أحدهما بالآخر ، فان مقتضى الاستصحاب البناء على نجاسة كل منهما ، ولا يلزم من جريانهما مخالفة عملية قطعية يجريان معا لما مر في مبحث الاشتغال من ان المانع من جريان الأصول في اطراف العلم الإجمالي لزوم المخالفة القطعية العملية ، ومع عدمه لا مانع من جريان الأصول فيها.
وقد استدل لعدم جريان الاستصحاب بالخصوص وان لم يلزم المخالفة العملية بوجهين :
أحدهما : ما أفاده الشيخ الأعظم (ره) (١) وهو ان جملة من أخبار الاستصحاب مذيلة بقوله (ع) ولكن انقضه بيقين آخر ، وعليه ، فبما ان مورد العلم الإجمالي ، مشمول للصدر والذيل ، ومقتضى الصدر جريانه في كل من الطرفين للشك في بقاء الحالة السابقة فيه ، ومقتضى الذيل وجوب نقض اليقين باحدهما ، فلا يمكن إبقاء كل منهما تحت عمومه لمحذور المناقضة ، ولا إبقاء أحدهما المعين للزوم الترجيح بلا مرجح ، ولا أحدهما المخير لعدم كونه فردا ثالثا فلا مناص عن البناء على عدم جريانه فيهما.
وفيه : أولا : ان أدلة الاستصحاب لا تنحصر بما هو مذيل بما ذكر ، بل هناك مطلقات غير مذيلة ، فعلى فرض اجمال ما هو مذيل بما ذكر ، يرجع إلى إطلاق غيره.
وثانيا : ان الظاهر من الأخبار هو عدم نقض اليقين بالشك المتعلق به ،
__________________
(١) راجع فرائد الأصول ج ٢ ص ٧٤٤ وص ٧٤٦ (الدعوى الثانية).