.................................................................................................
______________________________________________________
ثم لا يخفى ايضا ان المجاز على قسمين : مجاز في الكلمة ومجاز في الاسناد ، ولازم المجاز في الكلمة ان يكون اللفظ مستعملا في غير ما وضع له ، كاستعمال الاسد في الرجل ، ولازم المجاز في الاسناد هو استعمال اللفظ فيما وضع له ، والتصرف في الاسناد بادعاء انه من مصاديقه ـ كما ذكره السكاكي في الاستعارة ـ.
اذا عرفت هذا نقول : انه اذا لم يكن انطباق المشتق على موضوعه انطباقا حقيقيا بل كان انطباقا مجازيا لا يلزمه ان يكون لفظ المشتق قد استعمل في غير ما وضع له ، بل يمكن ان يكون مستعملا فيما وضع له وكان المجاز مجازا في الاسناد لا في الكلمة ، ففي قولنا : الميزاب جار قد استعمل جار في معناه الذي وضع له وادعي : ان الميزاب من افراد ما له الجريان ، فالمجاز في دعوى : كون الميزاب له الجريان وأنه من افراد ما له الجريان ، فاسناد الجاري الى الميزاب اسناد الى غير ما هو له ، لأن الذي له الجريان حقيقة هو الماء الذي في الميزاب لا الميزاب نفسه.
فظهر مما ذكرنا : انه لا يعتبر في استعمال المشتق في معناه حقيقة تلبس الموضوع بمبدئه حقيقة ، وانما يعتبر تلبسه به حقيقة في انطباق المشتق عليه حقيقة لا في استعماله ، وهذا هو مراده : من قوله قدسسره : «انه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات حقيقة» : أي في جريه على الذات واستعماله في معناه حقيقة «التلبس بالمبدإ حقيقة وبلا واسطة في العروض» الواسطة في العروض في المقام : هو كون التلبس بالعرض والمجاز ، وغير الواسطة في العروض هو التلبس فيكون قوله : «بلا واسطة في العروض» شرحا للتلبس الحقيقي : أي لا يشترط في استعمال المشتق في معناه حقيقة التلبس الحقيقي ، وانما يشترط التلبس الحقيقي في الانطباق حقيقة لا في الاستعمال في معناه حقيقة ، ويكفي التلبس المجازي وعلى نحو الواسطة في العروض في استعمال لفظ المشتق في معناه ، كما عرفت في المجاز في الاسناد ، ولذا قال قدسسره : «بل يكفي التلبس به ولو مجازا ومع هذه الواسطة» : أي بواسطة في العروض «كما في الميزاب الجاري» فان الجاري مستعمل في معناه مع كون تلبس الميزاب بالجريان تلبسا