عنده ، فأجابه على ملتمسه ، ودفع إليه المفاتيح ، وذهب إلى أهله ، فاشتغل الرجل بالتضرّع إلى الله تعالى ، والطواف حول مرقد الإمام ، والاشتغال بقراءة القرآن على الرأس الشريف ، وحينما كان يقرأ ، سمع صوت قارئ آخر يقرأ معه حيث يقرأ من السور والآيات ، فلمَّا سمع ذلك الصوت مع علمه بعدم وجود أحد غيره قطع القراءة ، وأخذ يتجسّس ويدور حول الضريح ؛ ليطّلع على حقيقة الحال ، فلم يرَ أحداً ، فعاد إلى قراءة القرآن ، فسمع ثانياً ما كان يسمع ، فأصغى إصغاءً جيداً.
فتبيّن له أن الصوت من داخل المرقد الشريف ، ومن شدَّة شوقه إلى تلك النغمة ، أخذ يجدّ في قراءة القرآن من أول الفاتحة إلى سورة مريم ، فلمَّا وصل إلى قوله تعالى : يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَـٰنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا (١) ، سمع من المرقد الشريف قراءة الآية هكذا : يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَـٰنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا (٢) ، فلمَّا أصبح وقد ختم القرآن خرج من الروضة متوجِّهاً إلى نوقان ، وسأل القرّاء عن منشأ القراءة ، فقالوا : لا بأس بهذه القراءة من حيث اللفظ والمعنى غير أنّا لم نظفر في قراءة أحد من القرّاء بهذه القراءة.
ثُمَّ لمّا حضر نيسابور ، سأل عن هذه القراءة قرّاء نيسابور ، فقالوا : لم نسمع بهذه القراءة ، ثُمَّ لمّا حضر الري ، سأل القرّاء بها ، قالوا : أنت من أين أخذت هذه القراءة؟
__________________
(١) سورة مريم : آیة ٨٥ ـ ٨٦.
(٢) قرأ الحسن وقتادة والجحدري واُبي بن كعب ومعاذ القارئ وأبو المتوكّل : (یحشر المتقون). ينظر : البحر المحيط ٦ : ٢١٧ ، مجمع البيان ١٦ : ٧٠ ، مختصر شواذ القراءات : ٨٦ ، واتحاف فضلاء البشر : ٣٠١ ، والمحرر الوجيز ٩ : ٥٣٤ ، والكشّاف ٢ : ٢٩٢ ، وزاد المسير ٥ : ٢٦٣ ، ومعجم القراءات القرآنية ٥ : ٣٩٦.
وقرأ الحسن وقتادة والجحدري واُبي بن كعب ومعاذ القارئ وأبو المتوكّل : (ويُساق المجرمون). ينظر : زاد المسير ٥ : ٢٦٣ ، ومعجم القراءات القرآنية ٥ : ٣٩٦.