فتح شوشتر في خلافة عمر
(وفي سنة ١٩ من الهجرة في السنة السابعة من خلافة عمر ، لمّا فرغ أبو موسی الأشعري من فتح مناذر توجَّه إلى فتح شوش ، فحاصرها ، ولمّا رأى شابور صاحب القلعة قوة الأعراب ، وعدم نهوضه بالمقاومة أرسل إلى أبي موسى من يأخذ منه الأمان لعشرة أنفس من أقاربه ، فيفتح لهم باب البلدة ، فقبل أبو موسى ذلك ، وقال للرسول : فليكتب صاحبك أسماءهم ، فكتب شابور ذلك وفتح باب الحصار وتوجَّه مع العشرة إلى أبي موسى.
فقال أبو موسى : لم يكن اسمك مكتوباً مع العشرة ، ونحن على ما وعدناك من سلامة العشرة ، والأصلح بحال المسلمين قتلك ، فقتله ، ثُمَّ دخل حصار شوش وضبط ما في خزائن شابور من الأموال ، ثُمَّ رأى باباً محكماً مقفولاً مختوماً ، فسأل عمّا وراء الباب؟ فقيل له : ليس فيه ما ينفعك ، فقال : لابدّ من الاطّلاع عليه ، فأمر بكسر الأقفال ، ودخل فرأى صخرة كبيرة مثل القبر ، وعليها جسد ميِّت وهو مكفّن بقطع من الحرير المزرکش ، مکشوف الرأس ، طويل القامة جداً ، فتعجبوا من طول قامته ، وطول أنفه أكثر من شبر ، فسأل أبو موسى عنه أهل شوش؟
فقالوا : كان هذا الرجل مستجاب الدعوة يستسقون به أهل بابل ، فابتُلي أهل شوش بسنة مجدية ، فأرسلوا إلى بابل يطلبون أهله إرساله إليهم حَتَّى يدعو لهم بالمطر ، فأبوا من إجابة ذلك ، فأرسلوا إليهم خمسين رجلاً برسم الرهينة حَتَّى أرسلوه ، فدعى لهم ، وسقوا ببركته ، وكثر خيرهم ، فلمَّا رأوا ذلك رفعوا اليد من الأشخاص المرهونين ، وبقي الرجل عندهم إلى أن مات ، فكتب أبو موسى صورة الواقعة إلى عمر ، فسأل عمر عن حال هذا الشخص جميع الصحابة ، فلم يُعلمه أحد بحقيقة الحال إلا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : إنَّه دانيال ، وذكر قصته مع بخت نصر ، وأسارته من بيت المقدس إلى أرض بابل ، وقال لعمر : أكتب لأبي موسى أن يخرجه