وأمّا أبو بصير : فهو كنية جماعة ، وعند الإطلاق ينصرف إلى الثقة كما هو المعروف في أمثاله ، وهو عبد الله بن محمّد الأسدي الثقة (١).
الموضع الثاني
فيما يتعلَّق بشرح المتن :
[أ] ـ «ذو فضائل كثيرة» : ببَّههم على أن العلم إذا لم يكن معه هذه الفضائل التي بها تظهر آثاره ، فهو ليس بعلم حقيقة ولا يُعدُّ صاحبه عالماً ، فشبّه العلم بإنسان له حواس ظاهرة وباطنة لزيادة الإيضاح والتقرير.
[ب] ـ «فرأسه التواضع» : شبّه التواضع بالرأس ؛ إذ كما أنَّ الإنسان ينتفي بانتفاء رأسه ؛ لكونه جزءه المقوّم له ، فكذلك التواضع إذا انتفى من صاحب العلم انتفى منه العلم ، والجهل مع التواضع خير من العلم مع الكبر ، وقد عرفت معنی التواضع وخواصه.
[في ذم الحسد]
[ج] ـ «وعينه البراءة من الحسد» : البراءة من الحسد شبيهة بالعين ، ووجه الشبه بينهما أن كلاً منهما آلة للإدراك ، فالعين الجارحة آلة لإدراك المحسوسات ، وعدم الحسد آلة لإدراك المعقولات ، فإنَّ من لا حسد فيه يستعلم المجهولات من الَّذين يعلمونها بخلاف الحاسد ، فإنه لبغضه من يعلم لا يستعلم منه ما لا يعلم تحقيراً بعلمه وإيذاناً منه بأن ذلك غير قابل للتعليم وليس من الفضائل التي ينبغي اكتسابها ، ومع ذلك يُخفي ما حصله من العلوم عن غيره ،
__________________
(١) ينظر : هداية المحدثین : ٢٠٦ ، ٢٧٢.