وكان الرضا عليهالسلام لا يحابي المأمون من حق ، وكان يجيبه (١) بما يكره في أكثر أحواله ؛ فيغيظه ذلك ، ويحقده عليه ، ولا يظهره له.
فلمّا أعيته الحيلة في أمره اغتاله ، فقتله بالسمّ) ، انتهى (٢).
في سمّ المأمون له عليهالسلام
قال في البحار : (اعلم أن أصحابنا والمخالفين اختلفوا أنّ الرضا عليهالسلام هل مات حتف أنفه ، أو مضى شهيداً بالسمّ؟ وعلى الأخير : هل سمّه المأمون لعنه الله أو غيره؟
والأشهر بيننا أنه عليهالسلام مضى شهيداً بسمّ المأمون.
ويُنسب إلى السيِّد علي ابن طاووس أنه أنكر ذلك ، وأنكره الإربَلَي رحمهالله ، في (کشف الغُمَّة). وردّ ما ذكره المفيد بوجوه سخيفة ، حيث قال : بعد إيراد كلام المفيد : بلغني ممَّن أثقُ بهَّ أن السيِّد رضی الدین علي بن طاووس رحمهالله كان لا يوافق على أن المأمون سقى عليّاً عليهالسلام السمّ ، ولا يعتقده.
وكان رحمهالله كثير المطالعة ، والتنقيب ، والتفتيش على مثل ذلك. والَّذي كان يظهر من المأمون ، من حنوه عليه ، وميله إليه ، واختياره له دون أهله وأولاده ممَّا يؤيد ذلك ويقرِّره.
وقد ذكر المفيد رحمهالله شيئاً ما يقبله عقلي ، ولعلّي واهم. وهو أن الإمام كان يعيب ابني سهل عند المأمون ، ويقبِّح ذكرهما إلى غير ذلك. وما كان أشغلَهُ باُمور دينه وآخرته ، واشتغاله بالله عن مثل ذلك.
وعلى رأي المفيد رحمهالله : إن الدولة المذكورة من أصلها فاسدة ، وعلى غير قاعدة مرضية ؛ فاهتمامه عليهالسلام بالوقيعة فيهما ، حَتَّى أغراهما بتغيير رأي الخليفة عليهالسلام ، فيه ما فيه ، ثُمَّ إن نصيحته للمأمون وإشارته عليه بما ينفعه في دينه لا توجب أن تكون سبباً
__________________
(١) في الأصل : (وكان يحابيه) وفي بعض المصادر : (وكان يجبهه) وما أثبتناه من المصدر.
(٢) عیون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٦٥.