لقتله ، وموجباً لركوب هذا الأمر العظيم منه. وقد كان يكفي في هذا الأمر أن يمنعه من الدخول عليه ، أو يكفّه عن وعظه.
ثُمَّ إنا لا نعرف أن الإبر إذا غُرست في العنب صار مسموماً ، ولا يشهده القياس الطبَّي. والله أعلم بحال الجميع ، وإليه المصير. وعنده تجتمع الخصوم) ، انتهى (١).
قلت : وممَّن منع من صحَّة نسبة ذلك إلى المأمون : الصدوق أيضاً في العلل ، والعيون ، فإنه بعد نقل الرواية المتضمنة لسرقة الصوفي ، ورفع أمره إلى المأمون ، ومكالمة المأمون مع الرضا عليهالسلام في شأن ذلك الصوفي ، وأنه احتجب المأمون عن الناس ، واشتغل بالرضا عليهالسلام حَتَّى سمّه ، فقتله. وقد كان قتل الفضل بن سهل ، وجماعة من الشيعة.
قال رحمهالله : (روي هذا الحديث كما حكيته ، وأنا بريء من عهدة صحَّته) ، انتهى (٢).
وكيف كان فهو موهون من حيث مخالفته لمذهب المشهور ، والأخبار ناطقة بخلافه ، ولذا ترى المجلسي رحمهالله أخذ في ردّ ما استند إليه الإربلّي : (بأن الوقيعة في ابني سهل لم يكن للدنيا حَتَّی يمنعه عنه الإشتغال بعبادة الله تعالی ، بل كان ذلك لما وجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ورفع الظلم عن المسلمين مهما أمكن. وکون خلافة المأمون فاسدة أيضاً لا تمنع منه ، كما لم تمنع غيره من الإرشاد إلى ما فيه مصالح المسلمين في الغزوات وغيرها.
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٩ : ٣١١ ، كشف الغُمَّة ٣ : ٧٦ ، الإرشاد ٢ : ٢٦٩ ، وينظر إلى ما كتبه الشهيد السيِّد علي القاضي في إثبات سمّه في هامش الأنوار النعمانية ٤ : ٧٩ ـ ٨٢.
(٢) علل الشرائع ١ : ٢٣٩ ح ١ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٦٣ ح ١ ، لا يمكن أن يُأخذ رأي الشيخ الصدوق رحمهالله هنا على الإطلاق فهو مفيد بحصَّة هذه الرواية ، فهي غير صحيحة عنده وربما لضعف في السند أو اختلاف في المضمون فالشيخ هنا يردّ الرواية ولا يرد حادثة السمّ ، فالأولى أن لا يعمم رأيه رحمهالله على الحادثة.