ثُمَّ إنه ظاهر أن نصيحة الأشقياء ووعظهم بمحضر الناس لا سيما المدَّعين الفضل والخلافة ، ممَّا يثير حقدهم ، وحسدهم ، وغيظهم. مع أنه لعنه الله كان أول أمره مبنياً على الحيلة والخديعة ؛ لإطفاء نائرة الفتن الحادثة من [خروج] (١) الأشراف والسادة من العلويين في الأطراف ، فلمَّا استقر أمره أظهر كيده) (٢).
وأمّا دعوی عدم شهادة القياس الطبِّي على غرس الإبرة في العنب ، وصيرورة العنب مسموماً : فهو إنما يتم مع خلو الإبرة من المواد السمومية ، وأمّا مع غمسها في السمّ ، ثُمَّ غرسها في العنب ؛ فلا بعد في تأثيره ، بل يكون مؤثّراً قطعاً.
قال السيِّد الأجل السيِّد عبد الله الجزائري (٣) في مسألة الاستخراج من الجفر : (لا ريب أنه أشرف وأوثق من الاستخراج من النجوم والرمل ، والإصابة فيه أكثر ، إلى أن قال : ورأيت بعض المهوسين بهذا العلم عملاً منسوباً إلى الرضا عليهالسلام ، سُئل نفسه : كيف حال الرضا مع المأمون؟ ـ كتبه في سطر ، ثُمَّ كتب حروفاً من السؤال مفصولة في سطر آخر ، ثُمَّ أخذ نظائرها في سطر ثالث ـ وساق العمل في سطور متعدِّدة إلى أن حصل الجواب : (يسمُّهُ المأمون في عنب). قال : فأخذت ذلك دستوراً ، ونسجت على منواله ، وعملت أعمالاً رأيت منها العجائب.
ومن وجوه إعجاز القرآن المعلومة بهذا العلم الشريف : أنك إذا عملت في قوله تعالى : مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ بالأعمال الجفرية ، خرج الجواب : يُحْيِيهَا الَّذي
__________________
(١) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٢) بحار الأنوار ٤٩ : ٣١٤.
(٣) هو حفيد السيِّد نعمة الله الجزائري ، له الإجازة الكبيرة ، ت ١١٧٣ هـ.