أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (٥٤)
____________________________________
«بربك» زائدة دخلت على الفاعل ، إذ الأصل في المعنى «أو لم تكف بربك» (أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي حاضر ، وهذا برهان على أنه الإله الحق ، إذ الإله يحضر ويشهد كل شيء بخلاف سائر الأشياء ، فإنها لا تشهد «الله» إذ الإله سابق عليها ، والشاهد يلزم أن يكون حاضرا من البدء إلى الختم ، وليس لأحد أن يقول : من أين نعلم ، أن الله شاهد على كل شيء؟ إذ الجواب هل هناك شيء أول شهد كل شيء ، أم لا؟ فإن قال نعم قلنا ذلك هو الله ، وثبت المطلوب ، وإن قال لا ، قلنا هذا خلاف الضروري ، إذ لا يعقل أن لا يكون هناك شيء أول ، وإن قال ، بل يمكن أن يكون الأول متعددا ، فلا وحدة في الأول قلنا اعترفت بالواحد ، فعليك الدليل على الأكثر ، ثم لا يمكن تعدد الأول ، لما ثبت في علم الكلام ، من أن التعدد في الأزلي غير معقول ، إذ يلزم من التعدد التركب ، ومن التركب ، عدم الأولوية ـ فهو خلف ـ.
[٥٥] (أَلا إِنَّهُمْ) أي الكفار (فِي مِرْيَةٍ) وشك (مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ) أي لقاء حسابه وجزائه ـ على سبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ـ وهذا على سبيل التسفيه لعقيدتهم ، فكيف يمكن أن يكون الخلق عبثا ، لا حساب لهم ولا جزاء؟ (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) إحاطة علم وقدرة ، فهو عالم بهم ، ولا يخرجون عن قبضته ، فسيأتي يوم يحاسبهم بما علم ، ويعطيهم جزاء كفرهم وإنكارهم ، فلا مفر لهم منه ، ولا مجال للإنكار ، لما اقترفوه من الكفر والآثام.