هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاَّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥) وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ
____________________________________
العارض (هذا عارِضٌ) سحاب (مُمْطِرُنا) فنخرج من القحط وأجابهم هود عليهالسلام كلا (بَلْ هُوَ مَا) العذاب الذي (اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) طلبتموه وقلتم : فأتنا بما تعدنا ، هي (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم ولعل رياح نخوتهم تبدلت إلى رياح العذاب ، كما أن أنهار فرعون التي كان يفتخر بها في قوله «وهذه الأنهار تجري من تحتي» وصارت سببا لادعائه الألوهية ، تجمعت فصارت سببا لغرقه وهلاكه ، فإن العذاب من جنس العصيان.
[٢٦] (تُدَمِّرُ) تهلك هذه الرياح (كُلَّ شَيْءٍ) من المباني والأشجار والإنسان والحيوان (بِأَمْرِ رَبِّها) فلا يمكن أن يقف أمامها شيء فجاءتهم وأهلكتهم وأصبحوا (لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) أما في المساكن ومن في المساكن فقد هلكت ، فإذا حضر إنسان تلك البلاد لم ير إلا أثار بيوتهم ، وإنما بقيت للعبرة (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) وهل العذاب كان خارقا أو كان عاديا؟ احتمالان : وعلى أي حال فالعذاب عذاب كيفما كان قال سبحانه (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) (١).
[٢٧] (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ) أي قوم هود عليهالسلام (فِيما إِنْ) قد (مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) من
__________________
(١) الأنعام : ٦٦.