وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣) وَما تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ
____________________________________
ولفظ «إليه» إنما هو لأن المختار ينضم وينتهي إلى من اختاره واجتباه ، ولا يختار الله إلا من هو قابل للرسالة ، فليس اعتباطا وجزافا ، أو تابعا للمال والشرف الظاهري (وَيَهْدِي إِلَيْهِ) بالألطاف الخفية (مَنْ يُنِيبُ) أي من يتوب إليه ، ويرجع عن كفره وعصيانه ، فإنه إذا هدى شخصا وأرشده الطريق ، فأناب وتاب ، لطف به بألطافه الخفية.
[١٥] (وَما تَفَرَّقُوا) أي لم يختلف أهل الكتاب فيما بينهم (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) بوحدة الدين ، وحقيقة جميع الأنبياء ، فقد أرشدهم سبحانه ، فلم ينيبوا ولم يرجعوا ، ولذا تركهم سبحانه ولم يلطف بهم الألطاف الخفية ، ولم يزدهم هدى ، وإنما تفرقوا (بَغْياً) أي حسدا وظلما (بَيْنَهُمْ) بأن بغى بعضهم على بعض حسد بعضهم بعضا ، والمراد ظلم أهل الكتاب بعضهم بعضا ، وكان الإتيان بلفظ «بينهم» لإفادة أنهم لم يظلموا الأجانب عن الإيمان بل حسدوا وظلموا من هم على شاكلتهم في الدين والإذعان (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بأن يمهلهم (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قد سمي ذلك الأجل والأمد في اللوح المحفوظ (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي قضى الله سبحانه بينهم ، بتقوية الحق ، وإهلاك المبطل ، لكن الله سبحانه ، حيث حكم ببقائهم مدة معينة ـ لمصلحة رآها في ذلك ـ أخّر العذاب عنهم (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ) بأن صاروا من أهل