أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ
____________________________________
المؤلفات ، إن الدين ينقسم إلى أصول وفروع وأخلاق ، والكل غير قادر للتبدل ، فالأصول : التوحيد ، والعدل ، والنبوة ، والوصاية ، والمعاد ، وهل هذا قابل للاختلاف؟ والفروع : خضوع يسمى الصلاة ، وإنفاق يسمى الزكاة ، وإمساك يسمى الصيام ، وذهاب إلى محل يذكر الله يسمى الحج ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وهل هذا قابل للنسخ؟ ثم بيع وشراء وإجارة وإرث ، وما أشبه ، ورذائل محرمة ، كالخمر والقمار ، وفضائل لازمة ، كالصلة وبر الوالدين ، وهل يمكن تحريف شيء منها؟ والأخلاق شجاعة وغيرة وبذل ومعونة وعفة ، وما أشبه ، وهل يمكن أن تنقلب الشجاعة رذيلة ، والجبن فضيلة ، وهكذا؟ نعم اختلاف في الحدود ، والقيود ، والآداب ، لا في الجوهر والأصل (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) متعلق ، ب «وصّى» أي أوصيناهم بإقامة الدين ، بأن يكون قائما غير دارس (وَلا تَتَفَرَّقُوا) أيها الأنبياء عليهمالسلام أو أيها الناس ـ بأن يكون من باب الالتفات ـ (فِيهِ) أي في الدين ثم ذكر الله سبحانه ، إن الكفار يستعظمون دعوتك إلى التوحيد ، لأنهم عباد أصنام قد توارثوها عن الآباء (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ) بالله (ما تَدْعُوهُمْ) من التوحيد والإخلاص (إِلَيْهِ) أو المراد كبر عليهم دعوتك إلى نفسك بالرسالة ، إذ قالوا ، كيف صار رسولا من بيننا (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (١)؟ وهذا المعنى أقرب إلى الجملة التالية (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) أي أن الله سبحانه يختار من يشاء للرسالة ،
__________________
(١) الزخرف : ٣٢.