وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٢) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى
____________________________________
(وَيَقْدِرُ) أي يضيق الرزق لمن يشاء ، حسب حكمته في التوسعة والتضييق ، وليس معنى هذا ، أن لا مدخلية للطلب ، إذ الطلب من جملة الأشياء التي قررها سبحانه للرزق ، كما أن الزواج من جملة الأسباب التي قررها سبحانه للولد ، وإن كان الولد من خلقه تعالى (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ومن علمه جعل بعض الناس أغنياء ، بأن وسع عليهم ، وجعل بعضهم فقراء ، بأن ضيق عليهم.
[١٤] ثم أن هذا الخالق العظيم ، الذي بيده كل شيء ، وهو سميع بصير بكل شيء ، هو الذي شرع الدين لرفاه البشر ، ونظامه أفضل الأديان والأنظمة ، إذ يعرف ما يلائم حياة الإنسان ، وما لا يلائم ، ثم إن نظامه خال من الأغراض ، والأهواء والميول (شَرَعَ لَكُمْ) أيها المسلمون (مِنَ الدِّينِ) أي الإسلام ، ومعنى الشرع ، جعل النهج والنظام وأصله من الظهور ، ومنه الشريعة لظهور محل أخذ الماء على الشاطئ ، أو من الشروع بمعنى الابتداء (ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) فالإسلام دين الأنبياء ، من شيخ المرسلين نوح الذي كان بدء العالم الجديد (وَ) هو (الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا رسول الله (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى) فهؤلاء الأنبياء ، وغيرهم من سائر الأنبياء ، إنما بشروا بدين واحد ، كما قال الله سبحانه (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (١) وقد ذكرنا في بعض
__________________
(١) آل عمران : ٢٠.