ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨) وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠)
____________________________________
فإن أحدهما في طرف اليمين والآخر في طرف الشمال ، ملازم للإنسان كالقاعد إلى جنبه.
[١٩] (ما يَلْفِظُ) الإنسان (مِنْ قَوْلٍ) وذكر اللفظ من باب المثال ، وإلا فكل عمل للإنسان بل وكل فكر له مراقب ، (إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ) يراقبه ويحفظه ، وهو الملكان ، وحيث أنه أراد جنس الرقيب لم يأت بصيغة التثنية (عَتِيدٌ) مهيأ حاضر لا يشتبه.
[٢٠] (وَ) هكذا تستمر رقابة الملكين للإنسان إلى أن (جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ) إليه فإن للموت سكرة تغطي عقله كالسكران (بِالْحَقِ) بالذي قاله الأنبياء من حقائق الآخرة ، والتي كان ينكرها الكفار ، فيرونها معاينة عند موتهم ، ويقال لهم حينذاك و (ذلِكَ) المجيء (ما كُنْتَ) أيها الإنسان (مِنْهُ تَحِيدُ) تفيء ، فالآن قد وصلت إليك حيث لا ينفعك الندم والتوبة.
[٢١] وبعد ذلك (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) فكما أنه إذا أريد جمع الناس نفخوا في الأبواق إعلاما لهم حتى يجتمعوا كذلك إذا أراد جمع الخلائق وإحيائهم للبعث ، ولعله سمي صورا لخروج صور الناس منه ، كما ورد في الحديث ، أن للصور ثقبا بعدد الخلائق ، فتخرج النفوس منها عند البعث (ذلِكَ) اليوم (يَوْمُ) تحقق (الْوَعِيدِ) الذي وعدناه في الدنيا ، فقد كنا وعدنا المؤمن بالثواب والكافر بالعقاب ، وفي هذا اليوم يرون ذلك.