أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)
____________________________________
اللمم فلنعرف أحوال غيرهم (أَفَرَأَيْتَ) في قبال ذلك المتقي (الَّذِي تَوَلَّى) عن الحق وأعرض عنه وإن آمن به.
[٣٥] (وَأَعْطى) مالا (قَلِيلاً) كما هو شأن كثير من الناس حيث يظهرون الإيمان لكنهم لا يلتزمون بموازينه ، وبالأخص لا يدفعون المال المفروض عليهم إطلاقا أو يعطون شيئا قليلا (وَأَكْدى) أي قطع العطاء وأمسك يده عن الإنفاق ، لغلبة حالة البخل عليه ، ومن طبيعة أمثال هؤلاء الناس ، أنهم يلقون تبعة ذنوبهم على غيرهم ، فإذا قلت له لماذا تعصي؟ قال ذنب المبلغين الذين لا يبلغون كاملا ، ثم أن الله يغفر لي ، وما أشبه من الكلمات المتعارفة عند البخلاء والعصاة ، وفي التفاسير أنّ الآيات نزلت في عثمان في قصة (١) ، ومن المعلوم أنه من باب المصداق.
[٣٧] (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ)؟ فيعلم أن إنفاقه قد كفاه في حصول منزلة له عند الله ، ويعلم أن غيره يتحمل إثم أعماله؟ (فَهُوَ يَرى) الغيب ويعلم به؟ [٣٧] (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ) ألم يخبر (بِما فِي صُحُفِ مُوسى).
[٣٨] (وَ) بما في صحف (إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) كان وفيّا بكل ما تعهد من قبل الله سبحانه ، و «وفّى» بالتشديد مبالغة في الوفاء «وفيه تعريض أن هذا المؤمن الذي أعطى قليلا ... إلى آخره» لم يوفي بما شرط على
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ص ٢٩٨.