إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢)
____________________________________
الآخرين ، من فحش إذا تعدى عمله الآثم إلى الآخرين (إِلَّا اللَّمَمَ) أي الذي يلمّ بالإنسان ويرد عليه مما لا علاج من وروده غالبا ، وهي الصغائر وهي الصغائر مثل كلمة نابية ، أو ضحكة غير جائزة أو نظرة محرمة أو ما شابه ذلك ، والاستثناء منقطع لدفع توهم أن كل عصيان كبيرة ، حيث إنها معصية لإله عظيم (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) فيغفر للّمم قطعا ، بعد أن كان يغفر لكثير من الكبائر لمن يشاء (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ) حتى من أنفسكم فمن عمل صالحا يعرفه ومن عمل فاسدا يعرفه (إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) فإن علمه شامل لزمان تكوينكم من الأرض حيث إن الإنسان تراب ثم ينقلب ، نباتا ، ثم ينقلب حيوانا ثم النبات والحيوان ينقلب إلى طعام يأكله الأبوان فيصير دما ثم منيّا (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ) جمع جنين (فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) وهذه أول مرحلة إنسانية ، فيعلم بكم من ذلك الحين إلى اليوم (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) لا يغرنكم أعمالكم الصالحة ، كما يقع فيه بعض المؤمنين غير المتأدبين ، فيزكي نفسه إنه صام وصلى وأنفق وفعل الخير ، فإنه غرور يوجب سقوط النفس عن الرفعة عند الله وعند الناس (هُوَ) سبحانه (أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) فعلى المؤمن ، لا يكون مفرّطا بعمل الفواحش ، ولا مفرطا يزكي نفسه ، فإن التزكية للنفس قبيح ، ولله أقبح لأنه أعلم بالإنسان من حال كونه ترابا إلى حال تقيّا ، حتى من نفسه.
[٣٤] وإذا عرفنا أحوال المتقين الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا