لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨)
____________________________________
دار الدنيا ، كما يريدون (لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) ف (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (١) ، ولذا يضيق عليهم ، حتى يحفظهم من البغي والتعدي وقد حكي : إن معدما سأل موسى أن يطلب من الله ـ في مناجاته ـ أن يتفضل عليه ، فلما سأل موسى ، أجابه الله بذلك ، وأعلمه أن التوسعة على هذا ، لم يكن صلاحا ، وإنما أجاب الدعاء ، وحين رجع موسى من «الطور» رأى المعدم ، وهو يؤخذ للقضاء ، فقالوا : إنه أثرى فشرب الخمر وسكر ، وقتل إنسانا فهو يؤخذ للقصاص (وَلكِنْ يُنَزِّلُ) الله الرزق (بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) مما يراه صلاحا ، وإن قيل ، فلما ذا يفقر بعض الصالحين ، كالأنبياء ، ويثري بعض الفاسدين كالفراعنة؟ فالجواب ، أن الفقر هناك ، لترفيع الدرجات ، وهنا لإزهاق أرواح هؤلاء بالمال ، حيث تظهر منهم بعض السيئات ، فيستحقون التوسعة للنكال والعذاب (إِنَّهُ) تعالى (بِعِبادِهِ) جمع عبد (خَبِيرٌ) مطلع على أحوالهم (بَصِيرٌ) يراهم ، فهم تحت علمه الشامل ، ورؤيته النافذة ، ولذا يدبرهم على نحو الصلاح والحكمة.
[٢٩] (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) أي المطر من السماء (مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) أي بعد أن يئسوا عن المطر ، وجدبت أراضيهم ، وقحلت (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) بإخراج النبات والثمر ، وتنمية الزرع والضرع ، فيرى الإنسان نعمه سبحانه ، منتشرة في سهول الأرض وجبالها (وَهُوَ الْوَلِيُ) الذي يلي شؤون عباده (الْحَمِيدُ) المحمود في أفعاله ، فما يتفضل به يستحق به
__________________
(١) العلق : ٧ و ٨.