وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)
____________________________________
الحمد والشكر.
[٣٠] (وَمِنْ آياتِهِ) الدالة على وجوده ، وسائر صفاته (خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فمن خلقهما وأوجدهما ، إنه هو الله وحده لا شريك له (وَما بَثَّ فِيهِما) أي نشر في السماوات والأرض (مِنْ دابَّةٍ) تدب على وجه الأرض ، أو تطير في السماء (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ) الجمع (قَدِيرٌ) والمراد بالجمع ، إما الحشر ـ كما قال تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (١) ـ وإما أن يجمعهم في مكان واحد ، وهذا لإلقاء ظلّ قوي من القدرة الوسيعة ، في ذهن المخاطب ، حتى أنه سبحانه ، يتمكن من جميع هذه الكثرة الهائلة المتشتتة من صنوف الحيوان.
[٣١] أرأيتم فضل الله وقدرته؟ فاعلموا أن انحرافكم عن منهاجه ، يوجب التضييق على أنفسكم ، فما يصيبكم من الأذى ، إنما هو من أعمالكم ، وإلا ففضله سبحانه عام ، كما أنكم لا تقدرون على الفرار من بأسه ، إذا شاء بكم الأذى ، فإنه صاحب القدرة الوسيعة (وَما أَصابَكُمْ) أيها الناس (مِنْ مُصِيبَةٍ) مالية أو بدنية ، أو غيرهما (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) من الكفر والعصيان ، والنسبة إلى اليد لأنها الآلة العاملة في تحصيل الكثير من الآثام ، كالسرقة والضرب ، والنهب والقتل ، وما أشبه ، ولا يخفى أن هذا العام مخصص بمن لم يكن له كسب سيّء ، فإن ما أصابه ، إنما هو لزيادة الأجر والمنزلة ، كما هو معلوم عقلا ونقلا (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) فليس يعاقب عليها.
__________________
(١) التكوير : ٦.