أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي
____________________________________
على تقريب تقدم بيانه ـ (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا رسول الله (رُوحاً) والمراد به الشريعة ، إذ هي روح الحياة السعيدة ، فإن الإنسان بدون الشريعة ، كالميت الذي لا يعقل ، ولا يشعر ، ولا يبصر ، ولا يسمع ، إذ هو خال عن الحقائق الكونية ، ضال عن طريق الرشد (مِنْ أَمْرِنا) أي ناشئا تلك الروح من أمرنا وإرادتنا ، فهو صادر عنا ، فإن الإنسان ، قد يعطي من نفسه ، وقد يعطي من غيره ، وما يعطي من النفس ، أكثر خيرا وتكرمة ، ولعل الإتيان ، ب «من أمرنا» لبيان ذلك (ما كُنْتَ تَدْرِي) يا رسول الله (مَا الْكِتابُ) قبل أن يوحى إليك (وَلَا الْإِيمانُ) قبل أن تتلقنه ، ومن البديهي أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل إلقاء الله إليه الكتاب والإيمان ، لم يكن يعلمهما ، وإنما الكلام في أن الآية ساكتة عن وقت ذلك ، والظاهر أنه قبل خلق العالم ، فهو حكاية عن ابتداء خلقة الرسول في العوالم العلوية ، كما ورد «كنت نبيا ، وآدم بين الماء والطين» (١) (وَلكِنْ) نحن الذين أعلمناك (جَعَلْناهُ) أي جعلنا الكتاب والإيمان ـ باعتبار كل واحد منهما ـ (نُوراً) لدروب الحياة المظلمة (نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ) من الذين يقبلون الدعوة ، فالمراد بالهداية : الألطاف الخاصة ، أما إرشاد الطريق ، فهو عام لكل أحد (مِنْ عِبادِنا) جمع عبد (وَإِنَّكَ) يا رسول الله (لَتَهْدِي) وترشد
__________________
(١) مفتاح الفلاح : ص ٤١.