وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذلِكَ
____________________________________
الأصول نتفا وأطرافا ، وقد كان الكفار يطلبون من الرسول أن يروا الله يكلمهم وجها لوجه ، حتى يصدقوا كما قالوا (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) (١) فجاء الجواب (وَما كانَ لِبَشَرٍ) أي لا يمكن للبشر مهما كان عظمه وقدره (أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ) وجها لوجه ، فإنه سبحانه لا يمكن رؤيته ، إذ ليس جسما ، ولا جسمانيا ، حتى يرى (إِلَّا وَحْياً) بأن يلقي في قلبه إلقاء ، فإن أصل الوحي ، هو الإلقاء الخفي بحيث لا يعرفه غير المخاطب (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) بأن يتكلم الله معه ، ولا يراه تعالى ، فكان حجابا فاصل بينهما ، وهذا كناية عن عدم الرؤية (أَوْ يُرْسِلَ) سبحانه (رَسُولاً) أي ملكا ، ليكلم الإنسان عن الله سبحانه (فَيُوحِيَ) بواسطة ذلك الملك أو يوحي الملك ، ويلقي في قلب الرسول (بِإِذْنِهِ) أي بإذن الله تعالى (ما يَشاءُ) من المعارف والأحكام ، والإتيان بلفظ «بإذنه» لإفادة ، أن كلّا من مجيء الملك ، وتكلمه مع الرسول ، بحاجة إلى الإذن والأمر (إِنَّهُ) سبحانه (عَلِيٌ) أي رفيع عن إدراك البشر ، فلا يراه أحد (حَكِيمٌ) في جميع أفعاله فلا يكلم أحدا إلا الرسول ، أو ما أشبه ، أما أن يكلم كل أحد ، فليس ذلك من الحكمة لعدم قابلية مطلق البشر لكلام الله مباشرة.
[٥٣] (وَكَذلِكَ) أي كما أوحينا إلى الأنبياء السابقين ، أو بمعنى هكذا ـ
__________________
(١) البقرة : ١١٩.