فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ
____________________________________
[٤٩] وإذ ترى يا رسول الله من الكفار الإعراض بلا حجة أو دليل (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) في إبلاغ الرسالة ، وتحمل المشاق في سبيله (وَلا تَكُنْ) يا رسول الله (كَصاحِبِ الْحُوتِ) أي يونس عليهالسلام الذي طلب العذاب لقومه ، وخرج من بينهم ، لما رأى عدم الفائدة في دعوتهم فقد كان عمله ذلك ترك الأولى بمثل مقام الرسالة (إِذْ نادى) الله سبحانه بإنزال العذاب على قومه (وَهُوَ مَكْظُومٌ) قد كظم غيظه على القوم فهو مكظوم الغيظ ، يقال كظم غيظه : إذا حبسه ، أو المعنى نادى في بطن الحوت (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (١) وهو محبوس في بطن الحوت ، لكن المعنى الأول أقرب إلى قوله (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ).
[٥٠] (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) بقبول توبته واستغفاره فان التوبة نعمة من الله سبحانه على العبد (لَنُبِذَ) يونس ، أي طرح من بطن الحوت (بِالْعَراءِ) أي الأرض الجرداء الخالية عن الشجر والسقف حتى يهلك من الحر والبرد والجوع (وَهُوَ مَذْمُومٌ) لما ارتكبه من الدعاء على قومه ، فقد كان ذلك تركا للأولى ، وذلك ـ وإن لم يكن عصيانا ـ إلا أنه ليس مناسبا لمقام الأنبياء ، ولذا يحتاجون إلى التوبة والتطهير من ذلك.
[٥١] وإذا تداركته نعمة من ربه فاستغفر وتاب (فَاجْتَباهُ) أي اصطفاه
__________________
(١) الأنبياء : ٨٨.