أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩)
____________________________________
[١٩] فكيف يجعل هؤلاء الكفار البنت التي يكرهونها بهذا النحو من الكره لله سبحانه؟ (أَوَ) الهمزة للاستفهام والواو للعطف أي هل هؤلاء الكفار يجعلون لله (مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) أي يكبر ويتربى في الزينة ، وهي البنت فإنها تزين بالملابس والذهب والفضة من صغرها حتى تكبر (وَهُوَ فِي الْخِصامِ) أي في المخاصمة والاحتجاج (غَيْرُ مُبِينٍ) غير متمكن من إظهار حجتها ودليلها ، فإن المرأة حيث يغلب عليها جانب العاطفة لا تتمكن أن تقاوم الرجل الذي غلب عليه جانب العقل والاتزان ، وإنما جيء بالضمائر مذكرا باعتبار «من» وقد جاز في «من» و «ما» مراعاة اللفظ والمعنى ، والحاصل أنه كيف يجعل هؤلاء لله البنات الناعمة جسدا ، العاجزة حجة ، ويجعلون لأنفسهم البنين العاملين الأقوياء في الحجاج ، وهل هذا إلا انتخاب الشيء الحقير ـ بنظرهم ـ لله تعالى ، واختيار الرفيع لأنفسهم؟
[٢٠] ثم صرح سبحانه بذلك بقوله (وَجَعَلُوا) أي هؤلاء الكفار (الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ) كسائر العبيد (إِناثاً) بأن زعموا أنهم بنات الله (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) أي هل حضر هؤلاء الكفار خلق الملائكة حتى رأوا بأنهم إناث؟ (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) بهذا الكذب الشائن ، ولعل الإتيان ب «السين» لما ورد من تأخير كتابة العصيان مدة ، رجاء أن يتوب الإنسان ، فلا تكتب السيئة في ديوانه (وَيُسْئَلُونَ) عن هذه الشهادة يوم القيامة من أين قالوها؟