أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ
____________________________________
أشدهم تبطرا عن طاعته ، وإذا كانت هذه صفته لم ينظر إلى مال ولا إلى حال بل هذا المال والحال من تفضله وليس لأحد من عباده عليه ضربة لازب ، فلا يقال له إذا تفضلت بالمال على عبد فلا بد أن تتفضل عليه بالنبوة أيضا؟ لأنه ليس لأحد إكراهه على خلاف مراده ولا إلزامه تفضلا ، لأنه تفضل قبله بنعمه ، ألا ترى يا عبد الله كيف أغنى واحدا وقبّح صورته؟ وكيف حسّن صورة واحد وأفقره؟ وكيف شرّف واحدا وأفقره؟ وكيف أغنى واحدا ووضعه؟ ثم ليس لهذا الغني أن يقول هلّا أضيف إلى يسري جمال فلان؟ ولا للجميل أن يقول هلّا أضيف إلى جمالي مال فلان؟ ولا للشريف أن يقول هلا أضيف إلى شرفي مال فلان؟ ولا للوضيع أن يقول هلا أضيف إلى صفتي شرف فلان؟ ولكن الحكم لله يقسم كيف يشاء ويفعل كما يشاء وهو حكيم في أفعاله ، محمود في أعماله (١).
[٣٣] وأجابهم الله تعالى بقوله (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) أي النبوة ، أي هل تقسيم النبوات بيد هؤلاء حتى ينتخبوا فلانا للنبوة دون محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ كلا! فإن الله سبحانه لم يجعل بأيديهم قسمة أرزاقهم فكيف يعطي مقاليد النبوة بأيديهم؟ (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ) وهو ما يستعيشون به (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي في هذه الحياة القريبة على حسب المصلحة والحكمة (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ) أي بعض هؤلاء (فَوْقَ بَعْضٍ) رزقا وجاها وقوّة وفي سائر الشؤون (دَرَجاتٍ) فلم نفوض
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري : ص ٥٠٦.