سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨)
____________________________________
[٧] ومن هدايته سبحانه أنه أنزل القرآن على الرسول ، وقد قال ابن عباس : كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أنزل عليه جبرئيل بالوحي يقرأه مخافة أن ينساه ، فكان لا يفرغ جبرئيل من آخر الوحي حتى يشرع الرسول في القراءة. فأنزل الله تعالى عليه هذه الآية (١) (سَنُقْرِئُكَ) القرآن ، أي نتلو عليك لتقرأه (فَلا تَنْسى) منه شيئا ، فقد شاءت إرادته سبحانه أن يكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منزّها عن النسيان ، وكذلك سائر الأنبياء عليهمالسلام. أما قوله «تنسى» فهو من قبيل (إِنَّا نَسِيناكُمْ) (٢) ، ولعل العمل كان تعليما للمسلمين فيما بعد بأن يحرصوا على القرآن مثل هذا الحرص.
[٨] (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أن تنساه ، وفيه دلالة على أن عدم نسيانه إنما هو من الله سبحانه ، حتى أنه إذا شاء غيره قدر عليه ، قالوا : ودخول المشيئة في هذه الآية للدلالة على أن النبي مهما بلغ من العظمة فإن جميع أموره بيده تعالى (إِنَّهُ) سبحانه (يَعْلَمُ الْجَهْرَ) من الكلام (وَما يَخْفى) كالسر والنجوى ، فكل ذلك من الإقراء وعدم النسيان إلا بمشيئته تابع لعلمه الواسع الذي يشمل كل شيء ، وبما علّمه من الصلاح جعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بحيث لا ينسى ، وإلا فلو كان ينسى لم يؤمن على التبليغ ، لتطرق احتمال النسيان في كل شيء من أقواله وأفعاله.
[٩] (وَنُيَسِّرُكَ) يا رسول الله ، أي نوفقك (لِلْيُسْرى) أي الطريقة اليسرى
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١٠ ص ٣٢٩.
(٢) السجدة : ١٥.