لِلْآخِرِينَ (٥٦) وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً
____________________________________
أي عبرة وموعظة يمثل بهم لأجل العظة والتذكير (لِلْآخِرِينَ) الذين يجيئون بعدهم.
[٥٨] وبمناسبة الحديث عن قصة موسى عليهالسلام يقدم على ذلك مقدمة وهي ما ذكره بعض المفسرين من أنه لما نزل قوله تعالى (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (١) فرح بعض المشركين بأنهم وجدوا مأخذا على الرسول ، فجاء ابن الزبعرى وهو القائل :
لعبت هاشم بالملك فلا |
|
خبر جاء ولا وحي نزل |
وقال للرسول ألم يعبد المسيح وعزيز والملائكة؟ فقال الرسول بلى قد عبدوا ، فقال : فكيف يكون هؤلاء «حصب جهنم» كما ذكرت وأنت تثني عليهم؟ وإذا جعلتهم من أهل النار فنحن نرضى بأن نكون كالمسيح ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ويلك! ما أجهلك بلسان قومك؟ «ما» لما لا يعقل ، فأقحم ابن الزبعرى وارتد خائبا ، وفي قول آخر إن الرسول انتظر الوحي ، فنزل (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (٢) وقد أراد الله سبحانه من (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) (٣) الأصنام ، لأن الخطاب موجه إلى المشركين ، فكان قولهم للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مغالطة وجدلا ، ولذا أوضحت الآية ذلك ، وهناك روايات أخرى لا يهمنا التعرض لها (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) أي لما ضرب ابن الزبعرى المثل بعيسى وأراد أن يجعله مثلا لقوله «وما
__________________
(١) الأنبياء : ٩٩.
(٢) الأنبياء : ١٠٢.
(٣) الأنبياء : ٩٩.